عالم الأحلام
ما أن يأوي الإنسان إلى فراشه ويغمض عينيه ويسيطر عليه النوم حتى يجد نفسه في عالم آخر يختلف تماماً عن عالم اليقظة من حيث المقاييس والحدود والأوصاف.
نعم يجول النائم غالباً في عالم الأحلام والرؤى فيشاهد الماضي والحاضر والمستقبل فإذا به تارة يرجع إلى صباه وأخرى يرى نفسه شيخاً طاعناً في السن، وقد يدخل في حرب مدمِّرة مع عدو واقعي أو افتراضي، أو يرى نفسه وهو يعالج سكرات الموت، أو يرى أن لديه ثروة عظيمة ومكانة مرموقة ينعم بكل خير ويعيش بين الورود والرياحين، أو يرى بعض الصالحين من الأحياء أو الأموات، إلى غير ذلك من المشاهدات العجيبة التي يرتاح الإنسان لرؤية بعضها ويتمنى لو أنها طالت واستمرت من دون انقطاع، كما وينزعج من مشاهدة الكثير من الأحلام المهولة والمفزعة.
وما أن ينقطع شريط الأحلام حتى يسأل الإنسان نفسه عن حقيقة هذه المشاهدات ومدى انطباقها على الواقع، فيحب أن يعرف هل أن لهذه المشاهدات من تأثيرات سلبية أو إيجابية على معيشته وحياته أم لا.
الأنواع المعروفة للأحلام:
1- أحلام اليقظة Day Dreaming:
تصنف هذه الأحلام كمستوى من الوعي بين النوم واليقظة التامة، وتشير الدراسات إلى أن لدى الإنسان ميل إلى أحلام اليقظة بمعدل يترواح بين 70 إلى 120 دقيقة في اليوم، يحدث ذلك خلال ساعات اليقظة عندما يترك الإنسان المجال لخياله لكي يشطح بعيدأً، إذ حالما يبدأ الدماغ يهيم وينخفض مستوى الوعي سوف يجد نفسه في سيناريو مختلق وخيالي.
2- أحلام اليقظة الكاذبة False Awakening Dreams:
هل حدث لك بأن ظننت أنك استيقظت وقضيت روتين الصباح اليومي كالنهوض وتنظيف الأسنان بالفرشاة وتناول فطورك والذهاب إلى العمل، وبعدئذ تنهض "مجدداً" لكي تدرك أن ما حدث مجرد حلم، يسمى هذا الصنف بحلم اليقظة الكاذب.
3- الأحلام الجلية Lucid Dreams:
تحدث هذه الأحلام عندما تأتي اللحظة التي تدرك فيها بأنك ما زلت تحلم، أي عندما تعلم الفكرة: " انتظر لحظة.. هذا مجرد حلم!"، معظم الحالمين يوقظون أنفسهم عندما يدركون بأنهم يحلمون، إلا أن فئة أخرى من الحالمين اكتسبوا مهارة في البقاء في حالة الحلم الجلي عوضاً من أن يستيقظوا، فيصبحون مشاركين فعالين في أحلامهم الخاصة، ويتخذون قرارات في أحلامهم ويتدخلون في ما سيحصل فيه من غير أن يستيقظوا.
4- الكواببيس Nightmares:
الكابوس حلم مزعج يسبب لك القلق والخوف، وقد يكون إنعكاساً لأزمة أو كارثة في حياتك الحقيقية، ينتشـر الكابوس بين البالغين والأطفال. من المعتقد أن حوالي 10% من الناس يصابون بكابوس مرة في الشهر على الأقل.
تحدث الكوابيس من جراء ضغوط الحياة العادية أو فقدان الشخص لوظيفته أو وفاة أحد أفراد العائلة أو أي من هذه العوامل، كما تحدث عندما تتجاهل أو ترفض القبول بظرف حياتي معين، فقد أظهرت البحوث أن أغلب الناس الذين يحصل لهم كوابيس منتظمة يكون لدى عائلتهم تاريخ في المشكلات النفسية، أو يكون لديهم علاقة متأزمة وصعبة مع أحد الناس أو لديه تجربة سيئة من تعاطي الأدوية المخدرة. قد يكون لهؤلاء الناس صلة بحوادث الانتحار أيضاً وتكون الكوابيس مؤشر على المخاوف التي يجب الاعتراف فيها ومواجهتها. إنها طريقة العقل الباطن لإيقاظ الشخص وجعله ينتبه. إذا استيقظت مذعورا، أخبر أحدا عن هذا الكابوس الذي أصابك - فقد يكون في ذلك فائدة لك. انهض وامش بعض الوقت، إذا وجدت ذلك ضروريا. لا تعنّف نفسـك إذا كان الكابوس مروّعا أو مليئا بالمناظر المشينة. الأحلام لا تعبّر عن تصرفاتك المقبلة ولا تكشف بالضرورة عن رغباتك الدفينة ولا تروي حقيقة ماضيك، فالأحلام كما قلنا، يكتنفها الغموض بالكامل.
5- الأحلام المتكررة Recurring Dreams:
الأحلام المتكررة تعيد نفسها ولكن مع بعض التغييرات البسيطة في كل مرة سواء في قصة الحلم أو ظروفه، قد تكون هذه الاحلام إيجابية لكن أغلبها يكون كابوسياً في محتواه، تتكرر الأحلام لأن المشكلة التي تمثلت في قصة الحلم بقيت من دون حل أو جرى تجاهلها، وعندما تحصل على حل لهذه المشكلة فإن الحلم سيتوقف عن التكرار، بمعنى آخر يكون الحلم المتكرر وسيلة العقل الباطن للفت إنتباهك إلى أمر لا ترغب في أن تعترف بوجوده في حياتك الواعية، وحالما تكتشف هذا الأمر وتواجهه سوف يتوقف هذا الحلم.
على سبيل المثال، نذكر تجربة واقعية لامرأة تدهورت حياتها الزوجية فتكرر لديها حلم تشاهد فيه زوج غير متجانس من الأحذية وكذلك كانت ترى بشكل متكرر جلوس زوجها في المقعد الأمامي للسيارة حيث كانت السيارة تتوقف دائماً عن الحركة إما بسبب نقص الوقود أو عندما تصل إلى طريق مسدود ولكن هذه الأحلام المتكررة توقفت عندما انفصلت عن زوجها.
6- أحلام الشفاء Healing Dreams:
تخدم أحلام الشفاء كرسائل للحالم تتعلق بصحته، ويعتقد العديد من خبراء الأحلام أن الاحلام يمكن أن تساعد في تجنب مشاكل صحية كامنة وأنها تساعد في الشفاء من المرض أو من الأسى، وبينت البحوث أن الذين يعانون من مرضي الربو asthma والشقيقة migraine تحدث لهما أحلام قبل تفشي المرض، أي أن الجسم قادر على الإتصال بالدماغ من خلال الأحلام. كما يمكن للأحلام أن تخبرك بأن أمراً ما ليس على ما يرام في جسمك حتى قبل ظهور الأعراض الفيزيائية للمرض، إن أحلاماً من هذا القبيل قد تخبر الحالم بأن عليه الذهاب إلى الطبيب أو طبيب الأسنان فقط إن فهم الحالم لغة الحلم، وقد ينفع الحلم هنا كنظام ممتاز للإنذار المبكر عن الأمراض.
7- الأحلام التنبؤية Prophetic Dreams
تسمى أيضاً بالأحلام النفسانية وأحلام الأحداث الوشيكة، وهي أحلام يبدو أنها تقرأ المستقبل، وتفسر أحد النظريات هذه الظاهرة بأن الدماغ الحالم قادر على جمع أجزاء من المعلومات ورصدها بحيث أنك لن تبالي لها عادة أو تضع لها حسباناً، بمعنى آخر سيعلم عقلك الباطن ما سيأتي قبل أن تقوم بإعادة تركيب نفس الأجزاء من المعلومات ولكن هذه المرة في حالتك الواعية.
8- أحلام الإشارات Signal Dreams:
تساعدك في كيفية حل المشكلات أو في اتخاذ قرارات في حياتك الواعية.
9- الأحلام الملحمية Epic Dreams:
يشار إليها أيضاً بالأحلام الكونية أو الكبرى، وهي أحلام مهيمنة وكبيرة وواضحة جداً لدرجة لا تستطيع إهمالها، وتبقى تفاصيلها معك لسنوات كما لو أنك شاهدتها في الليلة الفائتة، تملك هذه الأحلام الكثير من الجمال وتحوي الكثير من الرمزية الدينية، وعندما تستيقظ من حلم كهذا ستشعر بأنك اكتشفت شيئاً عميقاً أو مذهلاً عن نفسك وعن العالم، ستشعر بأنها تجربة تغيير في الحياة.
10 - الأحلام المتطورة Progressive Dreams
تحدث الأحلام المتطورة عندما تحصل معك سلسلة من الأحلام طوال عدة ليال ماضية، وتجد أن الحلم التالي يكمل قصة الحلم الذي سبقه في الليلة الماضية، تساعد هذه الأحلام في حل المشكلات وفي استكشاف خيارات مختلفة وطرق متنوعة لحل المشكلة أو معالجة الظرف أو العلاقة الراهنة.
11- الأحلام المتبادلة Mutual Dreams
تحدث هذه الأحلام عندما يكون لدى شخصان نفس الحلم، قد تكون هذه الأحلام مخطط لها مما يعني أن الشخصان يعملان في الواقع لتحقيق حلم أو هدف مشترك، وتكون الأحلام المتبادلة عندئذ طريقة لتطوير الاتصال وبناء الثقة.
ماهية الأحلام:
قبل 55 سنة من الآن بدأ علماء الأعصاب بدراسة مخ الشخص الحالم، قام العالم "ناثانيل كلايتمن" بإجراء تجاربه على أشخاص نائمين حيث قام بملاحظة الموجات الدماغية التي يصدرها المخ أثناء النوم، فوجد أن موجات الدماغ حينئذ تكون هادئة وارتفاع الموجة كبير لكن المفاجأة أن حالة المخ هذه تتبدل في لحظة واحدة لتصبح الموجات الدماغية سريعة وارتفاع الموجة صغير وفى هذه الحالة الدماغية يبدو الشخص وكأنه مستيقظ برغم من أنه يغط في نوم عميق!! ومن ذلك استنتج ناثانيل أن المخ يتبدل حاله وكأنه يخوض مراحل مختلفة أثناء النوم عرفت فيما بعد باسم "مراحل النوم Sleeping Stages.
كما لاحظ كلايتمن أن عين الشخص النائم تطرف وتتحرك أسفل الجفن حركة سريعة ومن هنا أطلق عليه "نوم حركة العين السريعة Rapid Eye Motion Sleep " أو "نوم الريم REM Sleep". تترواح فترة مرحلة"نوم الريم REM Sleep". من 5 حتى 10 دقائق وذلك في الفترة الأولى منها وتأخذ أيضاً وقتاً يترواح من 30 إلى 34 دقيقة في وقت لاحق من الليل. وهكذا يبدو أن الأحلام تأخذ نصف ساعة أو أكثر على الأرجح، وما زالت الأحلام من ألغاز العقل الباطن المحيرة، وهي المرآة التي تعكس بعضاً من نشاطه العجيب خلال مرحلة حركة العين السريعةREM.
ماذا تفعل أثناء حلمك؟
أجرى العلماء تجاربهم على حيوانات مثل القطط والكلاب، فقاموا باجراء عملية جراحية على دماغ قطة وأزالوا الجزء المسئول عن شل حركة الجسم أثناء النوم ومن ثم وضعوا هذه القطة تحت الملاحظة اثناء نومها. ما أن دخلت القطة إلى مرحلة "الريم" حتى بدأت في الحركة ومطاردة فرائس غير موجودة وقامت بالجري هنا وهناك أي أنها كانت تقوم بأنشطة عادية كالتي تقوم بها أثناء يقظتها باستثناء أنها في هذه الحالة نائمة وتحلم.
الموجات الدماغية للشخص النائم:
يرجع بروفيسور ماكنيمارا هذه المشاعر إلى أن المنطقة الدماغية المسؤولة عن المشاعر السلبية كالخوف والقلق تكون نشطة في المخ أثناء مرحلة نوم الريم. يعتقد الأطباء أن حالات الاكتئاب لدى بعض الأشخاص تكون نتيجة أنهم اثناء نومهم يدخلون مباشرة في مرحلة نوم الريم ويبقون فيها لفترات طويلة مما يشحنهم بمزيد من المخاوف والقلق والمشاعر السلبية فتزيد حالتهم سوءا واكتئابا، على عكس الاشخاص الطبيعين الذين يدخلوا في مرحلة ريم ويتحولون بين الريم واللاريم لفترات متوازنة دون الاضرار بحالتهم النفسية.
المصادر:
1- موسوعة العلوم.
لماذا نحلم ج1، ج2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق